الأجرام السماوية المنتشرة بالسماء الدنيا تسمى نجومًا, وتكون كروية الشكل أو شبه كروية, كما أنها تكون غازية وملتهبة ومضيئة بذاتها, ومرتبطة مع بعضها البعض بقوى الجاذبية على الرغم من بنائها الغازي, وهي عظيمة الكتلة والحجم, عالية الحرارة, وتشع كلا من الضوء المرئي, وغير المرئي بجميع موجاته.
وتمر النجوم في دورة حياتها بمراحل من الميلاد إلي الشباب والشيخوخة، قبل أن تنفجر, أو تتكدس على ذاتها فتنكدر ثم تطمس, أو تنفجر قبل ذلك أو بعده فتعود إلي دخان السماء لتدخل في دورة ميلاد نجم جديد.
ويقضي النجم غالب عمره في مرحلة النجوم العادية الشبيهة بشمسنا قبل انفجارها أو انكدارها أو طمسها, وقد تنتهي المرحلتان الأخيرتان بالانفجار كذلك.
والنجوم هي أفران كونية يتم بداخلها سلاسل من التفاعلات النووية، تعرف باسم (عملية الاندماج النووي)، ينتج عن طريقها تخليق كل العناصر التي تحتاجها كل من الأرض والسماء الدنيا.
وبالإضافة إلي قوى الجاذبية التي تربط نجوم السماء الدنيا ببعضها البعض ربطا محكما, فإن هناك أعدادًا من القوى التي تمسك بالمادة في داخل كل جرم سماوي, وفي صفحة السماء الدنيا, وفي الأرض, ونعرف من هذه القوى الأربع: القوة النووية الشديدة, والقوة النووية الضعيفة, والقوة الكهربائية، والقوة المغناطيسية (الكهرومغناطيسية) وهذه القوى هي التي تمسك بالمادة والطاقة في الجزء المدرك من الكون.
ونظرا لضخامة كتل النجوم فإنها تهيمن بقوى جذبها علي كل ما يدور في فلكها من كواكب, وكويكبات, وأقمار, ومذنبات, وغير ذلك من صور المادة, والنجوم ترتبط فيما بينها بالجاذبية, وتتجمع في وحدات كونية أكبر فأكبر مرتبطة فيما بينها بالجاذبية أيضا, فإذا انفرط عقد هذه القوى انهارت النجوم, وانهار الكون بانهيارها.
وفي واحدة من الحقائق التي لم يتوصل العلم الحديث إلى إدراكها إلا في القرن العشرين, يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي يرويه عنه أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: صلينا المغرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء، قال: فجلسنا فخرج علينا فقال: (ما زلتم هاهنا)، قلنا: يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا نجلس حتى نصلي معك العشاء، قال: (أحسنتم أو أصبتم)، قال: فرفع رأسه إلى السماء، وكان كثيراً مما يرفع رأسه إلى السماء، فقال: (النجوم أمنة ٌ للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة ٌ لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة ٌ فإذا ذهب أصحابي أتى لأمتي ما يوعدون) رواه مسلم.
يقول الإمام النَّووي في شرحه على صحيح مسلم: "قال العلماء: (الْأمَنَة) الأمْن والأمَان، ومعنى الحديث: أن النجوم ما دامت باقية فالسماء باقية، فإذا انكدرت النجوم وتناثرت في القيامة، وهَنَت السماء فانفطرت وانشقت وذهبت".
ولا يعنينا في هذا المقام إلا قوله صلى الله عليه وسلم: (النجوم أمنة ٌ للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد)؛ إذ أن نُطْق المصطفي - صلي الله عليه وسلم - بتلك الحقيقة قبل ألف وأربعمائة سنة بهذه الدقة العلمية - في زمن كان أهل الأرض غارقين إلى آذانهم في محيط من الجهل والظلام والخرافات والأساطير - أمر معجز حقًا, ولا يمكن أن نجد له من تفسير إلا الصلة بالخالق سبحانه وتعالى عن طريق الوحي.
وهذا الحديث وأمثاله من كلام الصادق المصدوق - صلي الله عليه وسلم - من الشهادات البينة علي صدق نبوته, وصدق رسالته وصدق قوله, في زمن قصرت فيه المسافات, وتلاقت الحضارات بكل ما في جعبها من معتقدات وآراء, وفلسفات وأفكار, وصار لزامًا علي المسلمين أن يحسنوا الدعوة إلى دين الله الخاتم.
والدين بركائزه الأساسية: (العقيدة, والعبادات, والأخلاق, والمعاملات) لم يعد يحرك ساكنًا في قلوب أهل الأرض إلا من رحم بك؛ لأن هذه المفاهيم النبيلة قد شوهت في أذهان الناس الذين فُتنوا بالعلم ومعطياته فتنة كبيرة, فإذا قدمنا إليهم سبقا علميا كالذي جاء في هذا الحديث الشريف, فإن ذلك قد يقنعهم بمزيد من الاطلاع على كتاب الله, وعلى سنة رسوله - صلي الله عيه وسلم -، فيجدون فيهما ضالتهم التي ينشدون.